سورة الشعراء - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


{وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)}
{وَإِذْ نادى رَبُّكَ موسى} كلام مستأنف مقرر لسوء حالهم ومسل له صلى الله عليه وسلم أيضًا لكن بنوع آخر من أنواع التسلية على ما قيل: و{إِذَا} منصوب على المفعولية قدر خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم معطوف على ما قبله عطف القصة على القصة، والتقدير عند بعض واذكر في نفسك وقت ندائه تعالى أخاك موسى عليه السلام وما جرى له مع قومه من التكذيب مع ظهور الآيات وسطوع المعجزات لتعلم أن تكذيب الأمم لأنبيائهم ليس بأول قارورة كسرت ولا بأول صحيفة نشرت فيهون عليك الحال وتستريح نفسك مما أنت فيه من البلبال.
وعند شيخ الإسلام واذكر لقومك وقت ندائه تعالى موسى عليه السلام وذكرهم بما جرى على قوم فرعون بسبب تكذيبهم إياه عليه السلام زاجرًا لهم عما هم عليه من التكذيب وتحذيرًا من أن يحيق بهم مثل ما حاق بهم حتى يتضح لديك أنهم في غاية العناد والإصرار لا يردعهم أخذ إضرابهم من المكذبين الأشرار ولا يؤثر فيهم الوعظ والإنذار، وهذا التقدير يناسب صدر القصة الآتية أعني قوله تعالى: {واتل عَلَيْهِمْ نَبَأَ إبراهيم} [الشعراء: 69] والأول يناسب القصص المصدرة بـ {كذبت} [الشعراء: 105] على ما قيل.
والأظهر عندي تقدير واذكر لقومك لوضوح اقتضاء {واتل عَلَيْهِمْ} [الشعراء: 69] له. ولا نسلم اقتضاء تلك القصص المصدرة بكذبت تقدير اذكر في نفسك وأمر المناسبة مشترك وإن سلم اختصاصها به فهي لا تقاوم الاقتضاء المذكور. نعم الأظهر أن يكون وجه التسلي بما ذكر كونه عليه الصلاة والسلام ليس بدعا من الرسل ولا قومه بدعا من الأقوام في التكذيب مع ظهور الآيات وسطوع المعجزات وقد تضمن الأمر بذكر ذلك لهم الأمر بالتسلي به على أتم وجه فتدبر. وأيًا ما كان فوجه توجيه الأمر بالذكر إلى الوقت مع أن المقصود ذكر ما فيه قد مر مرارًا. وقيل: إن ذلك المقدر معطوف على مقدر آخر أي خذ الآيات أو ترقب إتيان الأنباء واذكر وهو تكلف لا حاجة إليه. وقيل: {إِذْ} ظرف لقال بعد وليس بذاك. ومعنى نادى دعا. وقيل: أمر {أَنِ ائت} أي بأن ائت على أن أن مصدرية حذف عنها حرف الجر أو أي ائت على أنها مفسرة.
{القوم الظالمين} بالكفر والمعاصي. واستعباد بني إسرائيل وذبح أبنائهم وليس هذا مطلع ما ورد في حيز النداء وإنما هو ما فصل في سورة طه من قوله تعالى: {إِنّى أَنَاْ رَبُّكَ} إلى قوله سبحانه: {لِنُرِيَكَ مِنْ ءاياتنا الكبرى} وسنة القرآن الكريم إيراد ما جرى في قصة واحدة من المقالات بعبارات شتى وأساليب مختلفة لاقتضاء المقام ما يكون فيه من العبارات كما حقق في موضعه.


{قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11)}
{قَوْمِ فِرْعَونَ} عطف بيان للقوم الظالمين جيء به للإيذان بأنهم علم في الظلم كان معنى القوم الظالمين وترجمته قوم فرعون، وقال أبو البقاء: بدل منه؛ ورجح أبو حيان الأول بأنه أقضى لحق البلاغة لإيذانه بما سمعت، ولعل الاقتصار على القوم للعلم بأن فرعون أولى بما ذكر وقد خص في بعض المواضع للدلالة على ذلك، وجوز أن يقال قوم فرعون شامل شمول بني آدم آدم عليه السلام {أَلا يَتَّقُونَ} حال بتقدير القول أي ائتهم قائلًا لهم ألا يتقون.
وقرأ عبد الله بن مسلم بن يسار. وشقيق بن سلمة. وحماد بن سلمة. وأبو قلابة بتاء الخطاب، ويجوز في مثل ذلك الخطاب والغيبة فيقال قل لزيد تعطي عمرًا كذا ويعطي عمرًا كذا. وقرئ بكسر النون مع الخطاب والغيبة والأصل يتقونني فحذفت إحدى النونين لاجتماع المثلين وحذفت ياء المتكلم اكتفاء بالكسرة. وقول موسى عليه السلام ذلك بطريق النيابة عنه عز وجل نظير ما في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186] فكأنه قيل: ائتهم قائلًا قولي لهم ألا تتقونني، وقال الزمخشري هو كلام مستأنف اتبعه عز وجل إرساله إليهم للإنذار والتسجيل عليهم بالظلم تعجيبًا لموسى عليه السلام من حالهم التي شنعت في الظلم والعسف ومن أمنهم العواقب وقلة خوفهم وحذرهم من أيام الله عز وجل، وقراءة الخطاب على طريقة الالتفات إليهم وجبههم وضرب وجوههم بالإنكار والغضب عليهم، وإجراء ذلك في تكليم المرسل إليهم في معنى إجرائه بحضرتهم وإلقائه في مسامعهم لأنه مبلغه ومنهيه وناشره بين الناس فلا يضر كونهم غيبًا حقيقة في وقت المناجاة، وفيه مزيد حث على التقوى لمن تدبر وتأمل انتهى، والاستئناف عليه قيل: بياني بتقدير لم هذا الأمر؟، وقيل: هو نحوي إذ لا حاجة إلى هذا السؤال بعد ذكرهم بعنوان الظلم ودفع بالعناية، ولعل ما ذكرناه أسرع تبادرًا إلى الفهم.
وقال أيضًا: يحتمل أن يكون {لاَ يَتَّقُونَ} حالًا من الضمير في {الظالمين} [الشعراء: 101] أي يظلمون غير متقين الله تعالى وعقابه عز وجل فادخلت همزة الإنكار على الحال دلالة على إنكار عدم التقوى والتوبيخ عليه ليفيد إنكار الظلم من طريق الأولى فإن فائدة الاتيان بهذه الحال الإشعار بأن عدم التقوى هو الذي جرأهم على الظلم.
وتعقبه أبو حيان بأنه خطأ فاحش لأن فيه مع الفصل بين العامل والمعمول بالأجنبي لزوم أعمال ما قبل: الهمزة فيما بعدها. وأجيب نع كون الفاصل أجنبيًا وأنه يتوسع في الهمزة وهو كما ترى، وجوز أيضًا في {أَلا يَتَّقُونَ} بالياء التحتية وكسر النون أن يكون عنى ألا يا ناس اتقون نحو قوله تعالى: {أَلاَّ يَسْجُدُواْ} [النمل: 25] فتكون {إِلا} كلمة واحدة للعرض ويا ندائية سقطت ألفها لالتقاء الساكنين وحذف المنادى وما بعده فعل أمر ويكون إسقاط الألفين مخالفًا للقياس، ولا يخفى أنه تخريج بعيد وأن الظاهر أن ألا للعرض المضمن الحض على التقوى في جميع القراءات.


{قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12)}
{قَالَ} استئناف بياني كأنه قيل: فماذا قال موسى عليه السلام؟ فقيل: قال متضرعًا إلى الله عز وجل.
{رَبّ إِنّى أَخَافُ أَن يُكَذّبُونِ} من أول الأمر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8